حوار يقشعر له الابدان بين طفلتين شهيدتينصباحاً: تنازعتا على سندويشة «الزعتر»، وتضاحكتا، ووخزت إحداهما الثانية في خاصرتها!
ظهراً: تقرآن درس «الحساب» معاً، وتتراشقان بوسادتين!
عصراً: تنامان كأي حمامتين ذبيحتين على وسادة معدنية في ثلاجة الموتى!!
. لم يصل بهما الحمار إلى أي مرفأ، ولم تمدّ المذيعة الحزينة كفّها من الشاشة لتنتشلهما من فم الموت،.. تقول الصغيرة للشقيقة: برد كتييييير يا هيا!! لماذا القبر هكذا بارد ويلمع مثل الحديد؟
ـ «لما» هذا ليس القبر يا حبيبتي.. هذه ثلاجة المستشفى ، التي كنا نراها على التلفزيون!!
ـ هل سترانا "بنات صفّنا" اليوم على التلفزيون؟!
ـ طبعا ، نحن الآن شهيدتان!!
ـ معقول ؟ أنا شهيدة ؟ أنا لسه صغيرة هيا !! كنت حابة أصير دكتورة مو شهيدة!!
ـ نامي الآن ، غدا سنذهب الى الله، لازم نصحى بكّير!!
ـ هيا.. بتعتقدي مات الحمار؟
ـ بيجوز.. بس بتعرفي؟ أنا كنت حابّة أكمل المسلسل قبل ما أموت، نيّالهم سماح وعلا رح يعرفوا شو رح يصير بالآخر!
ـ ما في تلفزيون بالجنة؟؟ بنشوفه هناك!
ـ شفتي شو حلوة طاقي «أحمد قريع» إمبارح ع التلفزيون؟
ـ ههههههه... آه بس ما بتدّفي كتير...
ـ تعالي لصّقي فيّ.. قرّبي أكتر حبيبتي..
ـ هيا.. ليه بيظلّوا يفتحوا علينا باب الثلاجة؟
ـ عشان المصورين بيصوروا الشهدا
ـ طيب هلّا بكرة عند الله رح يحطّوني بالنار؟
ـ ليه انتي شو عاملة «لما»؟
ـ بتعرفي الاسبوع الماضي أخذت قلم إياد وما رجعته، خايفة الله يكون زعلان مني...
ـ لا حبيبتي ما تخافي... اياد أخوك وهلا بيكون يدعيلك ويقرألك الفاتحة والله رح يسامحك..
ـ بكرة أي ساعة رح نطلع؟
ـ ما بعرف بالزبط لأنه في شهدا كتير كان اليوم ، ورح يكون زحمة كتير...
ـ صحيح هيا صحيح !! ممكن بكرة نسأل عن الشيخ احمد ياسين ونسلم عليه هناك..
ـ آه طبعا، وأنا بدي أروح أسلم على «أبو عمار» كمان...
ـ آه أنا بعرفك طول عمرك بتحبي جماعة فتح أكتر...
ـ لأ مو هيك بس إنتي بتحبي حماس كتير... مستغربة ليه!
ـ مو بابا كان بيحبهم أنا كمان بحبهم...
ـ بس ماما كانت بتحب فتح أكتر...
ـ هيا.. ليه ما بيجبولنا أكل هون؟؟
ـ شو أكل؟؟ إحنا ميتات يا حبيبتي!! مالك إنت؟
ـ ميتات؟؟؟ مو حكيتيلي قبل شوي شهيدات؟؟ أن جعانة؟
ـ اصبري للصبح بتاكلي بالجنة...
ـ ما بدي خلص بطلت أستشهد!! بدّي أروّح!! افتحيلي بدي أطلع..
ـ وين بدك ترجعي يا مسكينة؟
ـ على بيتنا!!
ـ بيتنا تهدم حبيبتي وما ظل منو أي حجر...
ـ بنتخبى بالجامع...
ـ الجامع هدموه كمان...
ـ طيب وين راح «الحمار»؟؟ وين تخبّى؟!
ـ «الحمار» بيدبر حاله!! ما تخافي عليه...
ـ يعني خلص ما رح نرجع ع البيت؟
ـ لأ! هلّا بيتنا عند الله!!
ـ أحسن.. في هناك مدارس؟؟
ـ لأ.. ما تخافي...
ـ طيب في حرب؟؟
ـ ما بعرف!! يمكن!!
ـ بتعرفي أنا خايفة كتير على بابا...
ـ ليه؟؟
ـ إمبارح كان يحكي أنو العرب بدهم إيانا نعمل انتفاضة تالتة.. وخايف يموت فيها...
ـ شو يعني انتفاضة؟
ـ يعني فلسطينية كتيييييير يموتوا...
ـ وشو بيصير بعدها؟
ـ ولا شي!!
ـ كيف ولا شي يعني؟؟
ـ ولا شي!!
ـ طيب ليه العرب بدهم ايانا ننتفض من جديد؟
ـ عشان يحسوا أنو إحنا بنموت وإحنا بنحارب مو وإحنا نايمين...
ـ وهم شو بيفرق معهم؟
ـ بيكونوا مرتاحين اكتر!!
ـ يا حرام العرب كتييير بتعبوا وهم يصرخوا ع التلفزيون .. أنا بحزن عليهم!!
ـ طي احنا ليش اسرائيل بتكرهنا؟
ـ اووف .. أنت ليه اليوم أسئلتك كتيرة؟؟
ـ زهقانة!!! ما في تلفزيون ولا أكل.. وبرد كتييير...
ـ خلينا بحالنا هلا وقت تلفزيون...
ـ شفتي خطيب الجامع ع التلفزيون؟ كان يدعيلنا كتير...
ـ ولك هاد مو خطيب الجامع هاد رئيس حماس!!
ـ طيب شو يعني المقاومة اللي كان يحكي عنها؟
ـ يعني انو ما تهربي من الصاروخ زي ما كنتي بدك تعملي...
ـ يعني هلا هو ما بيحب إياد لأنو هرب من الصاروخ؟!!
ـ ما بعرف بس إياد ما بيعرف يقاوم...
ـ طيب هو الشيخ كيف بيقاوم؟؟
ـ اوووف !! شو بعرفني اسأليه!!
ـ بيرموا صواريخ صغيرة ع إسرائيل.. صح؟؟
ـ آه...
ـ طيب هاي ما بتنفع.. ما بتصيب حدا...
ـ شو رأيك إنتي يعني؟؟
ـ ما عندو صواريخ كبيرة تقتل كل اسرائيل؟
ـ لأ ما عندو...
ـ طيب كيف عرف يطرد جماعة امك الفتحاوية من غزة؟
ـ هاد موضوع تاني .. إنتي ما بتفهمي فيه اسكتي أحسن...
ـ ما بدي أسكت.. بدي أفهم أنا ليش متت؟؟
ـ عادي يعني.. مو إحنا دايماً بنموت؟
ـ بس الحمار هرب.. ما مات...
ـ لأنه حمار!!
ـ بتعرفي إمبارح شفت «بقج الملابس» اللي بعثوها العرب.. حلو كتيييييير... لو ما متنا كان طلعلي فستان ولا لعبة...
ـ شو هالصوت؟؟؟ سامعة الضجة؟
ـ شكله الممرض فاتح التلفزيون.. هاي مظاهرات عشان إحنا متنا...
ـ يعني هلأ بيكتبوا عنا شعر زي محمد الدرة؟
ـ آه بس يا خسارة «درويش» مات.. مين رح يكتب؟
ـ عندي فكرة!! بكرة بشوف درويش عند ربنا وبخلّيه يكتب قصيدة إلنا لحالنا ما حدا يقرأها غير أنا وإنت...
--------------------